المساهمات : 71 تاريخ التسجيل : 18/01/2008 العمر : 35
موضوع: مواضيع للسياسة العامة الثلاثاء مارس 04, 2008 6:36 am
لو كان مسئولو مصر كائنات فضائية أو مخلوقات مهجنة في المختبرات لتعاملوا بإنسانية أكثر وفهم أكبر وعطف أشد وجدية واهتمام أعمق مع مشكلات المصريين ...لكن الإنسان بوسعه أن يكون أي شيء بما في ذلك عدوا - بقصد أو بدون قصد- لأهله وبني جلدته عندما تستحكم في نفسه آفة الصلف ويلبس نظارة سوداء من التعالي واحتكار الحقيقة والحق في تقرير مصير الآخرين ...
دائما ما يتعاطى المسئولون في مصر مع مشكلاتنا من منطلق أن الناس قصر :همج ..غوغاء.. لا يعرفون مصلحتهم أو مصلحة البلد ..وبنفس الروح الديكتاتورية التي تصر على أن الإصلاح الاقتصادي المزعوم الذي بدأ منذ 26 عاما لم يثمر بعد وأن على الناس الانتظار وعدم العجلة فإننا نرى كافة الوزراء ومن هم في مواقع المسئولية المختلفة يتحدثون باستمرار عن أن سياساتهم التي تحقق الضنك بامتياز وتجلب الخراب المستعجل بسرعة في الأداء ودقة في التنفيذ عاليتين هما عين الحكمة وكبد التخطيط السليم الذي يشق ببصيرته حجب الغيب ويعمل للمستقبل وأن آثار هذه السياسات لن تظهر في القريب العاجل تحت أقدام الدهماء "الشعب" ....هذه الفلسفة هي عقيدة ودستور حكامنا منذ انفلق صباح أحول عن: "بني وطني ...اجتازت البلاد فترة عصيبة من الفساد ...والرشوة ...وعدم استقرار الحكم .."
وحمل ذلك الصباح كوديا اسم :(23 يوليو) والمحصلة أن كل نظام من الأنظمة التي حكمتنا فعلا يعمل للمستقبل الذي لا يأتي إلا بعد رحيله ..لكنه يأتي بالانهيار ...والفساد واهتراء البنيتين التحتية والفوقية ..وضياع كل أحلام المصريين في أيام أفضل.
ومع استمرار نقع المسئول من هؤلاء في سوائل الحكمة الإدارية اللزجة والتخطيط الأحادي للمستقبل الذي لا ولن ولم ومستحيل يأتي، يتولد حول المسئول غلاف من البلادة والحصانة ضد الإحساس بالناس ومعاناتهم ...والتوحد في فكرة أن كل مليون يضيفه لحسابه الخاص هو إضافة لمصر والمصريين وأن كل امتياز يجنيه من وراء منصبه هو إنجاز يضع لبنة في مستقبل مصر ...وهكذا تتفاقم العزلة وترتفع الأسوار ومع كل ارتفاع وكل نوبة تمرغ في نعم السلطة يزداد احتقار المسئول للناس ..وقدرته على سحلهم بدم بارد ....ويزداد استمساكه بوجهه البارد المسنون الذي ينشر به أحلام المصريين نشرا ..
يوما، كونا لجنة طلابية لمقابلة وزير تعليم عال سابق وعرض مشكلات طلاب الجامعة عليه وكان أهمها ارتفاع سعر الكتاب الجامعي واشتداد القبضة الأمنية على الطلاب الذين يمارسون نشاطا سياسيا ..وكان يخيم على الأفق مع بداية العام الدراسي الجديد موضوع طرد حوالي 900 طالب من السكن بالمدن الجامعية لعدة جامعات ...استقبلنا الرجل في مكتبه وبمجرد أن رأيت المكتب والبذلة التي كان يرتديها تعزز يقيني في أننا سوف نحمل في خروجنا مصنعا لأخفاف حنين ...
جلس الرجل معنا بابتسامته المثبتة بعناية بحدود ثابتة لا تزيد ولا تنقص ووجهه الذي ينطق بالدعة والثراء وعباراته المطاطة الواسعة التي بين طرفيها بعد المشرقين.. نفى الرجل كل شيء ..ورغم كل الوثائق والأوراق والصور التي قدمناها له تحدانا أن نثبت أي شيء مما نقول ...ورغم الإحصائيات الدولية التي أفادت بخروج الجامعات المصرية كلها من تصنيف أفضل "500 جامعة" على مستوى العالم إلا أن الرجل أصر على أن جامعات مصر من أحسن الجامعات في التاريخ ...وبمنتهى الثقة أرجع المسألة لكوننا لسنا متخصصين حتى نفهم ...وأننا باندفاع الشباب نتعجل ثمرات التطوير ..هذا الوزير كان ابنا لوزير سابق وخلفه الوزير "هاني هلال" الذي يدرس أبناؤه في السوربون بباريس ..وبدوره يتحدى الرجل كافة الأرقام والوثائق التي تؤكد انهيار التعليم المصري .يصر على ان الجميع لا يفهمون ...ويعلن باستمرار توسعه في التعليم الخاص ..لإصلاح التعليم الحكومي ..كيف هذا ..وحده هو يفهم ...وعلينا أن ننتظر بدون عجلة ثمار الإصلاح التي سوف تأتي في المستقبل ..متى هذا المستقبل؟ ..لم يحدد الوزير بعد ...
وزير الإسكان صاحب الفنادق والقصور ..المهندس أحمد المغربي لم يقدم حتى الآن حلولا علمية منهجية عملية لأزمة العطش القومي بسبب الحرمان من المياه في ربع مصر تقريبا ..فقط وعود مدعومة باتهام الناس بقلة الصبر وتعجل حل الأزمة ومخططات لمحطات مياه سوف تؤتي ثمارها في المستقبل ..
وزارة الطيران المدني بقيادة الفريق أحمد شفيق ...هدمت عدة وحدات سكنية في منطقة مساكن الشيراتون بالقاهرة لمجرد أنها ترى أن ارتفاعها يهدد سلامة الطيران لأنها قريبة من مطار القاهرة ...طيب لماذا استمر الطيران سليما معافى طوال العقود الماضية ولم يشتك سيادة الطيران من ارتفاع تلك المساكن علما بأنه تم الإبقاء على العديد من المباني والعمارات الأخرى بدون سبب إلا أنها تخص علية القوم ..لكن المشكلة تكمن- بحسب الوزارة- أن الناس تندفع وبدون تفكير وتتهم الحكومة التي هي أدرى بصالح البلاد والعباد ..
وزير الاتصالات د. طارق كامل أشعل أزمة أسعار الانترنت بدعوى مقاومة الوصلات الفرعية التي لجأ إليها الناس بسبب ارتفاع أسعار الاشتراكات ثم ترك المشكلة ملتهبة وسافر لقضاء إجازته بألمانيا، البلد الذي حصل منه على الدكتوراه بعد تصريحات طويلة كثيرة بأن الناس لا تدرك أبعاد قرارات الوزارة الجديدة ...ولا تفهم التخطيط للمستقبل ...
هكذا يبدو المستقبل الذي لا يهتم العوام بالإعداد له كيانا هلاميا مقززا غير مفهوم ...وأسراره فقط في جيب الحكومة
نشرت الصحف في الأيام الماضية عن لجنة تم تشكيلها من أجل الإعداد للحملة الانتخابية الخاصة بترشيح فاروق حسني وزير الثقافة لتولي منصب مدير عام منظمة اليونسكو الدولية اعتباراً من يناير ٢٠٠٩.
ومن المعروف أن اليونسكو يرأسها الياباني «كويشيرو ماتسورا» منذ أول عام ٢٠٠٣ وقد اعتلي قمة المنظمة الدولية بعد أن فاز علي ١١ مرشحاً أشهرهم غازي القصيبي الشاعر والدبلوماسي السعودي المعروف، فضلاً عن إسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية.
و قد أسفرت الانتخابات كما نعرف عن فوز ماتسورا في الجولة النهائية بـ٣٤ صوتاً وحصول المرشح السعودي علي ١٣ صوتاً والمصري إسماعيل سراج الدين علي ٣ أصوات من ٥٨ هم عدد أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة الذي ينقسم كالتالي:
المجموعة الآسيوية ولها ١٢ صوتاً، والمجموعة الأفريقية ولها ١٤ صوتاً، والمجموعة الأوروبية ولها ١٦ صوتاً، ومجموعة أمريكا اللاتينية ولها ١٠ أصوات، والمجموعة العربية ولها ٦ أصوات. وهذا يوضح بجلاء أن المرشح المصري لم تسانده الأصوات العربية أو الأفريقية أو الآسيوية فضلاً عن أصوات أوروبا وأمريكا اللاتينية.
ويصعب طبعاً أن نتحمس للحجة القائلة بأن الدكتور إسماعيل سراج الدين لم يوفق بسبب أنه لم يكن المرشح الرسمي لمصر، وإنما تمت تزكيته بواسطة بوركينا فاسو! ولا نظن أبداً أن ترشيح مصر الرسمي له كان يمكن أن يفيده. ما يحملنا علي هذا الاعتقاد هو أنه بعد عدة شهور من هذه الانتخابات كنا علي موعد مع القدر وترشيح آخر تبنته مصر رسمياً هذه المرة من أجل الفوز بتنظيم مونديال كرة القدم عام ٢٠١٠، وجاءت النتيجة مزلزلة: ١٤ صوتاً لجنوب أفريقيا التي فازت بشرف تنظيم البطولة وعشرة أصوات للمغرب المنافس المحترم.. أما مصر أم الدنيا فلم ينتخبها أحد من ٢٤ دولة بينهم أشقاء عرب وأبناء عمومة أفارقة ورفاق كفاح آسيويون.
كل هذا قصدت أن أسرده ليس من أجل تثبيط الهمم والنيل من العزائم، ولكن حتي لا نغرق في بحار الأوهام التي أدمنّا السباحة فيها.. وهذه الانتخابات للأسف لن تديرها وزارة الداخلية وليس بين المرشحين فيها من يرتدي الطربوش ويدعو لانتخاب فاروق حسني المرشح المنافس.. ومع هذا فأنا أتمني للجنة التي تضم أسماء محترمة أن يكلل جهدها بالنجاح، وللوزير الطموح أن يتحقق حلمه بالفوز بالمنصب الدولي الكبير.
غير أنني أحمل رجاءً حاراً بحصر الأمر في إطاره الطبيعي، أي باعتباره خطوة وظيفية في مسيرة فاروق حسني لا تخص شعب مصر ولا تهمه في شيء، فلا تصدعوا رؤوسنا بالحديث عن الشرف العظيم الذي ينتظر مصر والمجد الذي سنحققه والأيام الوردية التي سنعيشها بعد أن يصعد ابن لنا الي قمة المنظمة الدولية، فلقد جربنا هذا من قبل ولم يتحقق لنا أي شيء إيجابي.
جربناه عندما صعد بطرس غالي بضغط فرنسي وموافقة أمريكية إلي منصب الأمين العام للأمم المتحدة من ٩٢ إلي ٩٦ فلا أعاد لنا حقاً ضائعاً ولا حرر لنا متراً واحداً من الأرض العربية المحتلة ولا نجح في حمل إسرائيل علي تنفيذ قرار واحد من قرارات الأمم المتحدة، كل ما نذكره له أنه فرض علي ليبيا حصاراً ظالماً امتد سبع سنوات وشاركت فيه مصر استجابة للشرعية الدولية! إذن هذه المناصب لا تعني شيئاً بالنسبة لنا، إنما تعني الكثير بالنسبة لصاحبها ومعه أسرته وأصدقاؤه، وهذا حقه..
لكن هذا كل ما في الأمر. وإذا أردتم المزيد من الأمثلة فلا بد أنكم تعلمون أن إبراهيم نافع هو رئيس اتحاد الصحفيين العرب، فهل هذا يعني أي شيء بالنسبة للصحفيين المصريين؟ هل يعني أي شيء للمواطن المصري الذي يحمل جركنه منذ الصباح بحثاً عن الماء؟
و الدكتور فتحي سرور أيضاً هو رئيس برلمانات العالم، فهل يساعد هذا علي تقديم استجواب يسقط الحكومة أو علي أداء أفضل لبرلماننا، أو حتي علي ملء صحون المصريين بالفول؟ إن الأمر في حقيقته أن بعض المناصب لا قيمة له، والبعض الآخر من المناصب له أهمية كبري، لكن الغرب يسيطر عليها ويوظفها لصالح أهدافه سواء كان شاغلها أوروبيا أو من مصر أو بورما أو غانا، وهذا ينطبق علي منصب الأمين العام للأمم المتحدة الذي تختاره أمريكا كما ينطبق علي منصب مدير اليونسكو الذي تختاره أوروبا.
---------------------
محمد حاكم الذي خطفته المَنيةَ من الأماني
كتب: د.حسام السلامى
منذ رحيله قبل أيام قلائل، وابتسامته الرائقة لا تفارق مخيلتي. كان يضحك ما وسعه، هارباً من أحزانه المزمنة، وأوجاعه المفرطة، التي امتدت من غرف الفقراء الضيقة المقبضة إلي شرايينه. عرفته مؤخراً فمر كطيف جميل في حياتي المترعة بالهموم.
تزاملنا في رحلة خارج مصر لأيام، وتقابلنا علي بعض مقاهي القاهرة لساعات، لكنه حفر علامة في قلبي وعقلي، فعزمت علي صداقته حتي آخر العمر، وآمنت بأن بساطته الآسرة تنطوي علي عمق إنساني سحيق، وطبع أصيل، وقدرة فائقة علي فرز البشر، وتصنيف الأفكار والرؤي.
لكن صاحبي الجميل رحل دون أن يودعني أو أودعه، بل لم أكن بجانبه وهو يكابد الألم وينتظر الرحيل، لأنني انشغلت عن مقابلته أو زيارته أو مهاتفته لبضعة أسابيع، وكان جهلي بالغيب يصور لي أن هذا الانقطاع ليس سوي لحظة عابرة في زمان صداقتنا الغضة، ستنزوي في أركان النسيان، ليعود تواصلنا من جديد.
رحل الباحث الاجتماعي القدير محمد حاكم بعد معاناة قصيرة مع مرض عضال، ومعاناة طويلة مع أحلامه، التي كانت دوماً عصية علي الترويض. أغمض عينيه وفي رأسه عشرات الأفكار التي كان ينوي أن يفتح لها نافذة علي دنيا الواقع، فتنتقل من التخيل إلي التحقق، لكن القدر لم يمهله، وخطفته المنية من الأماني، ليترك لنا قليلا من كثير، كان بوسعه أن يبذره أمام عيوننا وأفهامنا، لو كان قد درب نفسه علي الدأب، وعود جسده علي أن يلتصق طويلاً بالمنضدة، وآمن بالحكمة الأثيرة التي أطلقها نجيب محفوظ وطبقها، والتي تقول إن «جل العبقرية يقوم علي بذل الجهد».
كانت مناقشاتنا، علي قِصر أيامها، تدور حول هذه المعاني، فكنت ألومه علي ظلمه لطاقته العقلية، وأطلب منه أن ينخرط أكثر في عوالم الكتابة، وكان يعدني بأن يعكف علي ما يشغل رأسه، ويمنحه الفرصة كي يولد علي صفحات الورق، وبين حنايا السطور.
وأهداني ذات مرة عدداً من دورية كان يصدرها «السيديج» الفرنسي، يحوي دراسة له، وقال لي وعيونه تلمع في ضوء الحجرة الشفيف، الذي تهديه إليها شمس الأصيل الذابلة: «هو العدد الأخير لدي، فحافظ عليه». وهرعت إلي البيت لأري حاكم علي الورق، فتٌجلي عيني باحثاً قديراً، وكاتباً كبيراً، وأنا ألتهم السطور، العامرة بالمعاني. وما إن انتهيت من قراءة البحث حتي هاتفته لألومه علي حرماننا من أمثال هذه الأبحاث، وتراخيه في مواجهة سلطة الزمن وسطوته.
وحكي لي عن رسالته للماجستير، التي تدور حول الريف والمدينة بمصر في النصف الأول من القرن التاسع عشر، واحتفائه واحتفاله بزمن محمد علي، صانع مصر الحديثة، وقال لي وهو يهز رأسه بإيماءات من يقين: «ستري هذه الرسالة قريبا في كتاب».
وتحقق له ما أراد، حين صدر كتابه «أيام محمد علي» عن المجلس الأعلي للثقافة، لكنه لم ينعم بإمعان النظر طويلا في غلاف كتابه وسطوره، كما يفعل كل الكتّاب كلما تدفع إليهم المطابع بأبنائها الجدد، ولم أظفر أنا باصطياد لحظة كهذه في عيون حاكم وملامحه، فقد كان يحزم أمتعته البسيطة لرحلته الأخيرة، بينما أنا غافل عنه، تائه في شوارع مفتوحة علي الغربة والضياع، متوهماً أن الوقت ملك يميني، وطوع بناني، وسيتيح لي حين أريد أن أري «حاكم»، ونتناقش سوياً حول كتابه الأول والأخير، كما تناقشنا حول مقاله الأسبوعي في صحيفة «الدستور».
لكن حاكم عوض قلة الكتابة بكثرة الحركة، مؤمناً بأن هذه لا تقل عن تلك، فانتمي في ميعة الصبا إلي الحركة الطلابية المصرية، وناضل بين صفوفها من أجل حياة أفضل.
وأثناء حياته العملية تنقل بين جريدة «الأهالي» والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، وكان كثيرون يعدّونه التلميذ النجيب للعالم الكبير الأستاذ السيد يس، ثم انخرط في التعاون مع «السيديج» في برنامج بحثي، حضرت بعضاً من محاضراته وجلساته، عن القضايا الحيوية التي تعيشها مصر في الوقت الراهن، مثل «الإصلاح الدستوري» و«الجماعات والتنظيمات السياسية ذات الإسناد الإسلامي» علاوة علي «مناهج البحث في العلوم الاجتماعية».
وبالإضافة إلي هذا كان حاكم يعد برنامجاً تليفزيونياً ناجحاً، ويحلم بأن يفعل الكثير ليحصد وطنه الحياة التي تليق به، ويظفر هو برضاء أكثر عن نفسه، يزيد من اتساقه الداخلي، وسلامة طويته، وتطابق كلامه مع أفعاله.
ما سيبقيه الزمن من حاكم، إلي جانب كتابه المهم وبحثه الفريد، هو إخلاصه لوطنه، وحبه للناس، وإيثاره الجميع علي نفسه، وكرمه اللافت، وابتسامته المشرقة، التي لا تفارق شفتيه، وآثار أقدامه التي كانت تدب في وسط المدينة بثقة متناهية، وإقبال شديد علي الحياة الدنيا، لكنه ظفر بحياة أفضل في رحاب ذي الجلال، هناك.. حيث الخلود، والرحمة والعدل والسلام والسكينة، التي كان حاكم يحلم بأن يجدها بين الآدميين المتعبين، لكنه مضي كدفقة من نسيم عليل، وترك كل شيء وراء ظهره، كما سنفعل جميعاً، حين تحين لحظة الخلاص والحرية الأبدية.